الغرور بداية النهاية للصناع ورواد الأعمال
لطالما وانا بالصغر ما حذرتني والدتي من الغرور وان اعتقد ان ما افعله لا يستطيع احد غيري فعله، هنالك شعرة صغيرة جداً فاصلة ما بين أن تكون واثقاً من نفسك وان تكون مغرور ولو تخطيت تلك الشعرة سواء كنت رائد اعمال او تحتاج أن تكون مبدع في عملك فاستطيع ان اؤكد لك انها ستكون بداية النهاية.
عندما كنت في الصف الثاني الإعدادي بالمدرسة حينها انتقلت لمدرسة جديدة كان بالمدرسة ثلاث فصول A, B, C الأول للمتفوقين، والثاني للمتوسطين، والثالث للضعاف دراسياً ؟ – يالا السخرية حتى من الصغر نعتاد على أن يتم تقسيمنا إلى مجموعات لنتنافس لنصبح بالمجموعة التي نعتقد انها الافضل!-.
لكوني منضم إلى المدرسة حديثاً كان لا يمكن لي أن انضم إلى فصل A مباشرة بل تم وضعي بفصل C لحين تحديد مستواي ونقلي للفصل الانسب لي العام التالي، حينها كنت متفوق دراسياً اتنافس على المركز الأول أو الثاني على مستوى المدرسة .. لن انسي ماري لطالما اقتنصت المركز الأول مني بفارق درجة أو درجتين!
كنت حينها افتخر بكوني الاول على الفصل لعدة أشهر متتالية كما لو كنت أحقق سلسلة ما من الانتصارات .. اعتقد حينها بدأ يتغلغل الغرور لي تدريجياً، واستمر الوضع كما هو عليه حتى قال لي معلم العلوم حينها مقولة نزلت علي كالصاعقة وحتى الآن لم انساها “لايهم ان تكون افضل السيئين!”.
في البداية حدثت نفسي لماذا يضطهدني هذا المدرس؟، ولم افهم ما يقصده حينها ولكن بعد مرور الأعوام ما قاله لي أصبح قاعدة من القواعد التي اتبعها في حياتي على مستوى العمل.
حينها عندما كنت الأول على الفصل لعدة أشهر متتالية كنت افضل السيئين – لا اهانة مقصودة هنا لزملائي – ولكن دعنا نكون صريحين لم يكونوا مهتمين بالدراسة بهذا القدر لذلك كان من السهل أن تتفوق واصبح الاول على الفصل، ولكن حين تكون المنافسة بين الثلاثة فصول تقتنص مني ماري المركز الأول!
عندما يتعلق عملك بالابداع سواء كنت رائد أعمال، مسوق، رسام، صانع محتوى من السهل ان يصيبك الغرور دون ان تقصد ويفقدك بصيرتك. الغرور مثل الإدمان وكلما تمكن منك كلما احتجت أن تزيد الجرعة تدريجيا.
عندما يتسلل الغرور الي عقلك الباطن يجعلك تعتقد أنك صنعت أفضل ما يمكن – سواء مشروع ناشئ، مقالة، تصميم، حملة اعلانية – ويتوقف عقلك عن بذل المزيد من المجهود للإبداع وتتحدي نفسك لتصبح أفضل نسخة ممكنة من نفسك، يسحرك باوهامه بانك بالفعل اصبحت الافضل!
جاهلاً، ساذجاً، هذا ما يحولك إليه الغرور دون أن تعي عندما يتملك من الغرور يقنعك انك لا حاجة إلى أن تتعلم المزيد فانت بالفعل الافضل في المجال ولا داعي ان تبذل المزيد من المجهود .. حتي تجد نفسك سرقت السنين ومازالت – محلك سر -.
عندما انتقلت للصف الثالث الاعدادي، دخلت اول يوم بالمدرسة وكنت بمنتهي الحماس لقد كنت الثاني علي مستوي المدرسة بالصف الثاني الإعدادي وقد حان الوقت ليقوموا ترقيتي ونقلي إلى فصل A .. بدأ مدير المدرسة بالمناداة على أسماء طلب فصل A انتظرت ولم ينادي على اسمي … ربما من وجهة نظرهم لا استحق ان اكون بـ A ربما B انتظرت ولم اكن بفصل B ايضاً جميع زملائي بفصل C انتقلوا لفصول جديدة ما عدا انا!
ظللت محبط حتى بدأ المناداة على أسماء فصل C ولاحظت انه تم نقل العديد من الطلاب المجتهدين إلى فصلي .. غريبة. لم افهم الامر بالبداية ولكن بعد ذلك ادركت أنهم قرروا هذه السنة ان يكون فصل C يجمع افضل الطلاب بالمدرسة.
الشاهد من القصة أن الأمور لا تبقى على حالها وتتغير من وقت لآخر وبعض الاحوال لا سلطة لنا عليها؛ لذلك لا تجعل الغرور يتملك منك، اذا كنت تعتقد نفسك الافضل ادفع الضريبة المضاعفة لتكون كذلك وأبذل المجهود الإضافي المطلوب!