التسويق الإلكتروني و الترافيك في عصر صحافة “العنتيل” !
تنوية : هذه المقالة نشرتها سابقاً على مدونة آراجيك من ٤ سنوات ولكن لم تعد متوافرة بعد الآن لذلك أعدت نشرها على مدونتي لآرشفتها، لاتنسي فنجان القهوة وأتمني لك قراءة ممتعة …
أثار حفيظتي منشور نشرته أحدى الصُحف منذ عدة أيام يتحدث عن خبر أن أحد الرجال تم فحص حاسوبه المحمول من قبل الأمن، وبفحص الجهاز تم الكشف عن وجود مقاطع فيديو مخلة له مع مجموعة من النساء وقامت السلطات بالقبض عليه.
لا يهمني صراحة تفاصيل الواقعة أو ديانه الرجل أو أنتمائه السياسي، وصراحة غير متفق تمامًا مع قيام السلطات بفحص حاسوبه .. وحتى أن وجد مقاطع فيديو فاضحه له مع نساء هل هذا سيكون سببًا في زعزعة أمن الوطن؟
ولكن الذي أثار أهتمامي هو الأسلوب الذي أتبعه تلك الجريدة في نشر الخبر على قنوات التواصل الأجتماعي الخاصة بها، فقد قاموا برفع مجموعة من الصور مموه قليلًا للفيديو المُسجل وكانت الصور فاضحة، ليست مشكلتي هنا مع الصور الفاضحة ولكن مشكلتي الأساسية هو أتباع هذا الأسلوب السمج من أجل الحصول فقط على مجموعة من الزيارات وبالتالى حفنة من النقود.
لست هنا مع أختلاف مع العاملين بإدارة قنوات التواصل الأجتماعي الخاصة بهذه الجريدة أو فريق التسويق، فاذا حللت الأمر الصور منشورة علي الموقع الخاص بالجريدة، اذا الادارة ليست لديها مشكلة مع هذا الأمر والسياسة التحريرية لا تعترض على نشر هذه النوعية من الصور، اذا ما المانع من رفعها على قنوات التواصل الأجتماعي الخاصة بالجريدة ؟
وبنهاية الأمر “التارجيت” هو ما يحدد المسار وكل شخص لديه مساحة من الأريحية ومجموعة من المقاييس يسير عليها وهي التي تحدد له أفعل أو لا تفعل.
ولكن في نقاش سريع مع أحد الأصدقاء عن هذه الحادثة دار ببالي السؤال التالي “من يقع عليه اللوم هنا؟” .. السياسة التحريرية التي تجيز نشر مثل تلك النوعية من الصور علي الموقع؟ أم اللوم علي المُستخدم الذي يتفاعل مع تلك النوعية من تلك المنشورات على مبدأ “اليوزر عايز كدا .. ودا بيأكل معاه”
توقفت قليلًا عند هذا الأمر .. وتسـاءلت من يقع عليه اللوم؟ .. فكرت بها قليلًا اذا كانت السياسة التحريرية تتيح ذلك، فلما لا نقوم بذلك؟ .. وبنهاية الأمر سيحقق لنا غرضنا من الموقع وهو بالأول وبالآخر الربح .. وايضًا قد يكون العائد من تلك النوعية من الأخبار سحرى وأكبر من أن يقاوم.
دعونا لا ننسي أن التلاعب على الغرائز الأنسانية من أقوي وأنجح أنواع التسويق .. فيسبوك بدأ أعتمادًا على غريزة وحب البشر في التواصل .. وتحول بعد ذلك الأمر لدي المُستخدمين لعادة يومية .. تويتر للتعبير عن النفس … من منا لا يرغب في أن يمتلك منبر يعبر من خلاله عن اراءه وأفكاره؟
لذلك التلاعب على الغريزة الجنسية لدي المُستخدمين سينجح بكل تأكيد … صراحة .. الموضوع كان محير كثيرًا بالنسبة لي .. لذلك قررت أن أقوم بتجربة صغيرة توفر لي بعض الأرقام التى ستدلني على الصواب من الخطأ، وهذا ما أتبعه عادة في هذه المواقف وهي الأعتماد علي الأرقام.
التجربة
جمعت عددًا من الصور التي نشرتها تلك الجريدة بالأضافة الى مجموعة من الصور الآخري .. و صنعت فيديو لم يأخذ مني ٣ دقائق وأنشئت قناة علي يوتيوب وقمت برفع الفيديو عليها بعنوان “حصرياً : فيديو عنتيل الغربية الجديد كامل”.
لم اسوق للفيديو باي شكل من الأشكال .. لم أنشر رابطه على اي قناة للتواصل الأجتماعي ..وتركرته ليكتسب الزخم بنفسه … حتى الآن في اقل من ١٠ دقائق تم مشاهدة الفيديو أكثر من 1800 مره.
حتي لحظات كتابة هذه المقالة لكم مر على الفيديو ثلاثة أيام .. وعدد المشاهدات حتى الآن 194,994 مشاهدة!
اذا الأثر سحري بالفعل! .. لكن هل هذا يعني أن “الجنس” هو المفتاح السحري لانشاء محتوي فيروسي؟ .. بالطبع لا!
اذا ما البديل ؟
من خلال عملي كمُسوق وتحديدًا كـ Growth Hacker أصبح لدي بجعبتي الصغيرة عددًا من الحيل التي تعلمتها مع الوقت، تريد أن تحقق النتائج التي تحققها مواقع مثل BuzzFeed وUpWorthy اذا عليك أن تكون Data-Driven ومهووس بالأرقام حتى تحقق ذلك .. ومثال صغير على ذلك ما نقوم به بـ “أرقام ديجيتال”.
عند بداية عملي بأرقام ديجيتال من أكبر المشاكل التي كانت تواجه المُحررين هو الأجابة عن هذا السؤال “ كيف أستطيع أن أحدد اذا حققت المقالة / الخبر الفلاني .. نجاحًا؟ .. وأنتشر بشكل فيروسي؟”، لذلك كان أول أمر يتوجب علي إيجاد حل لتلك المشكلة بوضع معايير ومقاييس تعلمنا هذا فشل وهذا حقق نجاحً ا.. وهنا وضعنا “Argaamer Metrica”.
Argaamer اشارة الى المُحررين العاملين بأرقام ديجيتال .. وMetrica أشارة الى Metrics أي مقاييس وهي التى يتوجب أن يتشبث بها كل مُسوق؛ فهي التي ستنير له الطريق، فالـ “تارجيت” هو الوجهة التى تريد أن تصل إليها والمقاييس هي مصابيح الأنارة في طريقك المُظلم الى “التارجيت” .. فهل تفضل أن تقود السيارة الى وجهتك في الظلام أم أن تسير في النور؟
Argaamer Metrica عندما أنشئتها لم تكن خلاصة مجهود فردي ولكن مجموعة من الأفكار وأجتهدات مُسوقين خبراء بالمجال .. بنهاية الأمر الإبداع يكمن في السرقة من هنا وهناك من ثم أنتاج مُنتج جديد يحمل نكهته المُميزة .. وعلى هذا الأساس أنشئت Argaamer Metrica.
هذه الخوارزمية البسيطة تقدم للمُحرر تقييم يساعده على قياس مدى نجاح المقالة الفلانية .. ملف بسيط على Google Docs يعرف المُحرر على المقالات التي أنتشرت بشكل فيروسي وحققت نجاح .. ويأتي دور المُحرر في أستخراج العوامل التى كانت سببًا في نجاح تلك المقالة ويوظفها بمقالة آخرى لينشئ مُحتوى جديد ينتشر بشكل فيروسي.
تعتمد تلك الخوارزمية على عدة عوامل تشمل التالى :
١- In House Metrics
٢- Social Metrics
٣- Analytics Metrics
١- In House Metrics
تشمل عدد التعليقات التي تلقتها المقالة مما يدل على أن المُستخدمين تفاعلوا من هذه النوعية من المقالة وشاركوا بالنقاش.
٢- Social Metrics
هى أداء المقالة على شبكات التواصل الأجتماعي، القنوات التى نضعها بأعتبارنا هي G+، فيسبوك، وتويتر .. يحسب الملف عدد إعادة التغريدات التي تلقتها المقالة، كم مره تمت مشاركتها علي الفيسبوك، وكم مره حصلت على +1 على G+.
٣- Analytics Metrics
حساب عدد القراءات التى حصلت عليها المقالة أعتمادًا علي الـ Pageviews.
يقوم الملف بسحب تلك البيانات بشكل أوتوماتيكي من ثم مدخل لديه مسبقًا متوسط النتائج التى تحققها المقالات في المعتاد ويحسب نسبئة مئوية من ثم يقدم رقم بسيط للمُحرر بالألوان [أخضر – برتقالي – أحمر ] يوضح له إداء المقالة.
وأعتمادًا على هذا الملف أيضًا استطيع أن أحدد أي المقالات أركز على مشاركتها أكثر علي شبكات التواصل الأجتماعي الخاصة .. حتى الآن منذ تطبيق Argaamer Metrica أرتفعت الزيارات في أقل من شهرين بنسبة 23.5% .. ومازلنا نكتسب الزخم.
لست بعالم ولم أخترع تلك الخوارزمية ولكن هذا مثال بسيط للتكتيات التي تتبعها مواقع مثل Buzzfeed وUpworthy فهي تسير على بالأرقام وتخطوا كل خطوة بناءًا على المعلومات والأرقام التي جمعتها.
بعض الحقائق التى توضح مقدار المجهود المبذول لإنتاج محتوى فيروسي :
# هل تعلم أن المحرر بـ Upworthy يقوم بتحديد 25 عنوان للمقالة قبل نشرها .. وهنالك خوارزمية تقوم بأظهار مجموعة من تلك العناوين بشكل عشوائي للمُستخدمين والعنوان الذي يلاقي قبول المُستخدم ويحقق أعلي Conversion Rate يتم تحديده العنوان النهائي للمقالة[A/B Testing]. ويمكنك أن تطبقها اليوم على مدونتك التي تعمل بالوردبريس من خلال الأداة التالية “Headlines” مقابل 99$.
# هل تعلم أن Upworthy تتبع نفس الاستراتيجية على شبكات التواصل الاجتماعي .. تنشر نفس المقالة بأكثر من عنوان والعنوان الذي يلاقي أكثر قبول هو الذي يبقى ويتم أخفاء المنشورات الآخري [يتم أخفائها وليس حذفها حتى يحافظ على الـ PTA الخاص بالصفحة]، يتم ذلك على فترات زمنية متباعدة لذلك لا يلاحظها المُستخدم.
# هل تعلم أن تلك المواقع تستخدم خوارزميات أكثر تعقيدًا من الخوارزمية التي أشرت لها سابقًا لتحدد ما اذا كانت تلك المقالة الفلانية يمكننا ان نقول عليها Viral ام لا ؟
وعندما تصبح مقالة ما Viral لا تمر عليهم مرور الكرم يا طيبين ولكن يتم تحليها لمعرفة ما هي العوامل التي كانت سببًا في نجاح تلك المقالة .. ببساطة اذا نجحت بامر ما وعلمت ما هي العوامل التى ساعدتك على النجاح سيمكنك تكرار نفس قصة النجاح مع أكثر من مقالة آخري.
هنالك نصيحة للشركات الناشئة التي ترغب في تعيين أحد المسوقين للعمل معهم يقال لهم “Hire Someone Who Went To The Promise Land” بمعني وظف من ذهب للأرض الموعودة سابقًا .. فلا شك أنه سيتمكن من الذهاب اليها مره آخري .. أو على أقل تقدير سيلاحظ النمط / المعالم المتكررة ويعرف انه على الطريق الصواب.
الخلاصة :
ليس لدي مشكلة مباشرة مع هذه الجريدة تحديدًا أو مع أي جريدة على تلك الشاكلة أو مع “صحافة الترافيك” ولكن ببساطة أكثر ما يزعجني هو الرغبة في الحصول على نتائج مبهرة في أقل وقت ممكن ودون بذل اي مجهود.
منذ فترة واضحة وأصبحت الجرائد يغلب عليها طباع كل من موقع UPworthy و Buzzfeed و 9GAG وتحاول تكرر قصة نجاح تلك المواقع .. ولكن بالطريقة السهلة .. دون بذل مجهود.
وتتبع أسلوب فج ومخادع مثل هذا المنشور الذي نشرته منذ عدة أيام .. لماذا لا تنشر اذًا بدلًا من كل هذا مقاطع أباحية وتجعل الموقع عبارة عن موقع أباحي وتريحنا وتريح المُستخدمين من هذا النوع من الأزعاج.
ترغب في النتائج .. وتقليد ما تفعله الشركات ودار النشر والصحف العالمية .. اذا ابذل نفس المجهود واستثمر نفس الوقت الذي تتبعه تلك المؤسسات للوصول لتلك النتائج.
هل تتخيل مقدار الموارد المتوافرة لمثل تلك الجرائد وكمية القوي العاملة المتاحة لهم، خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا حققت تلك الجريدة نجاحًا وفرضت نفسه بالسوق .. مثل تلك الجرائد هي التي تقود السوق وتوجهه … فلماذا تفعلون ذلك بحق الأولياء؟!.
وهنا توصلت لنتيجة أن اللوم لا يقع علي المُستخدم كما يقال ”الشعب العربي دائماً مُثــار جنسيـاً ” .. حقيقة الأمر “أن جميع شعوب العالم على المستوى الجماعي مُثارة جنسيـاً ” بطبيعة الحال هذه غريزة بشرية ولكن اللوم يقع على من فضل أتخاذ الطريق الذي لن يتطلب منه بذل مجهود.
يبدو أن الكسل طبيعة متأصلة بنا وهذا ما يجعلنا نتخذ الطرق الأقصر الأقل مجهودًا .. أتمني أن لا أكون على صواب وأن أتاتي لكم يوميًا مدونًا ومعتذرًا عن كوني مخطئًا بشأن هذا الأستنتاج.
** ملحوظة هـامة :
هنا أناقش القضية من منظور تسويقي بحت وأثر تلك الأفعال على سوق التسويق الإلكتروني بالوطن العربي .. ولا تهمني أمر تلك القضية نهائيًا أو اي قضية مشابهة لها .. ولا أقصد في كلامي تحميل أو توجيه أي أهانة لمصر أو لأي مصري، وأن أصبت فهو من عند الله، وأن أخطأت فهو من نفسي والشيطان.
مقال رائع
شكرا لك نرمين، سعيد ان المقالة نالت إعجابك